شاعر شعر بالضياع فذبح قصائده

شاعر شعر بالضياع فذبح قصائده


إذا  شعر الشاعر بالضياع، يذبح قصائده واحدة تلو الأخرى، يقيم لهم عرسا جنائزيا فوق موقد النار، و يلعن اليوم الذي ولد فيه، و اليوم الذي فكر فيه في الكتابة.

 ظن أنه واحدا من الأمة، و أنه بكل قصيدة يضع لبنة لبناء مجتمعه، يعري المسكوت عنه، يقدم علاجا واقتراحات تشفي علل الشعوب المقهورة، يكتشف الثغرات، يجتهد بقوة وعزم لحفظ شرف الأمة و عزتها، يحفظ اللغة التي بها تتفاخر اليوم بين الأمم.

 يبكي كثيرا و يشم آخر نسمات دخان عليل صاعدا من تلك الكلمات التي تصرخ فوق النار.
يتذكر الزمن الجميل، حين كان ينهل من تاريخ الأمم، يعشق الفصول كلها، يدقق الوصف في الأشياء،  تنساب الكلمات بين شفتيه كالماء المعين.

 كان الشاعر لا يحب إلا فوق قصائده، لا يعشق سوى تلك التي يرسمها في خياله، لا يعترف إلا بمن اتصفت بتعابيره ومجازه، يحبها و تحبه، ثم يخونها بدون سبب، بدون ذنب، بلا متابعة قضائية، كانت سعيدة معه وستضل سعيدة لأنها كانت معه.

 حين وزع القدر على الناس، كتب للشاعر أسوأهم وأسماهم، يظن البعض أنهم بمجرد كتابة بعض الكلمات المتناثرة فوق الأوراق أو نشرها في حساباتهم التواصلية أنهم يكتبون شعرا، هيهات هيهات!، الشعر لا يدرك شره إلا بعد الغرق فيه، الشعر تلك الصخرة التي تحملك من القاع وتكون سبب موتك، موتا شنيعا إذا حالفك الحظ!!...
 الشعر نار تلهب قلب صاحبها، فكلنا نستطيع دخول البيوت من أبوابها و لكن الشعراء يدخلون من نوافذها، حتى أنهم ينسابون كعليل خفيف يدخل من مسامات دقيقة جدا، يصف الحالة والوضع على طبيعته دون تصنع أو تكلف.
الشاعر هو من يعيش في الماضي بلغته وتاريخه وحضارته، ويعيش في الحاضر بآلامه وسرعته وهزائمه، وفي المستقبل برأيته المقارنة بين ما سيكون وبين ما يجب أن يكون.

و للآسف في زمننا صار الشاعر الأديب منفي في وطنه، و الشاعر الذئب ينعم بكل ما يغدقون عليه من عطايا، ماتت كرامة الشعراء!!، هل تعلمون أن هناك شعراء جهلاء؟!، نعم وما أكثر هذا النوع في أيامنها هذه!!.
صار اليوم البحث عن شاعر بمثابة البحث عن حبة رمل وسط صحراء إفريقيا.

تعليقات